محمود رياض زاده: عمدة بدرجة سفير

العمدة الذي صنع نهضة.. القصة الكاملة لمحمود رياض زاده: الطبيب والسفير ورجل العطاء الأول في منيا القمح

يظل اسم الدكتور والسفير والأديب محمود رياض زادة حاضرًا في الذاكرة الجمعيّة لأهالي منيا القمح، ليس فقط بوصفه أحد أبنائها النابغين، بل باعتباره خير من أنجبت منيا القمح قاطبة، والرجل الذي قدّم لقريته ومركزه ما لم يقدّمه غيره عبر عقود من العمل والإنجاز والتفاني.
من طفل في “ميت يزيد” إلى طالب طب في أدنبرة
وُلد محمود رياض زاده في 30 ديسمبر 1893 بقرية ميت يزيد التابعة لمركز منيا القمح. وفي السادسة من عمره التحق بكتاب القرية، قبل أن ينتقل إلى القاهرة حيث درس في مدرسة العقادين، ثم عاد لكتاب آخر لحفظ القرآن الكريم.
واصل تعليمه متنقّلًا بين مدارس القاهرة والزقازيق؛ فالتحق عام 1904 بمدرسة حي الجمالية، ثم بمدرسة الزقازيق الأميرية عام 1908 التي حصل منها على الابتدائية. وفي عام 1909 بدأ دراسته في المدرسة الخديوية بالقاهرة، لينال البكالوريا عام 1913.
كانت النقلة الكبرى حين سافر عام 1914 إلى بريطانيا ليلتحق بجامعة أدنبرة ويدرس طب الأسنان، ليتخرج طبيبًا في واحدة من أعرق الجامعات الأوروبية.
من لندن إلى الرياض والقاهرة.. مسيرة دبلوماسية استثنائية
فتح له زواجه العائلي الباب إلى عالم السياسة، حين قدّمه حافظ بك وهبة — زوج شقيقته ومستشار الملك عبد العزيز — للعمل في السلك الدبلوماسي السعودي الناشئ آنذاك.
عمل سكرتيرًا أول للمفوضية السعودية في لندن، قبل أن ينتقل إلى السلك الدبلوماسي المصري لاحقًا.
ظل في عمله حتى وفاة والده عام 1946، فعاد إلى قريته ليتولى عمودية ميت يزيد، وهناك بدأت رحلته الحقيقية مع العطاء.
مشروع نهضة.. ما فعله العمدة رياض زاده في قريته لا يُصدق
ما إن تولى العمودية حتى أطلق سلسلة من المشروعات التنموية غير المسبوقة:
1. حمامات صحية وبيئة نظيفة
بنى على أرضه الخاصة حمامات صحية لأهالي القرية، وغرفًا لغسيل الملابس، وعين عاملًا يتولى النظافة ووفّر الصابون مجانًا.
2. حديقة عامة وحديقة نموذجية
تبرع بقطعة أرض كبيرة وأقام عليها حديقة عامة مليئة بالأشجار والنباتات النادرة — وهي الموقع الذي يشغله الآن مركز الشباب.
3. رعاية الضعفاء
كان يتكفل بضريبة الأرض عن صغار الفلاحين، ويتولى رعاية الأيتام والأرامل والمحتاجين بالكامل.
4. تعليم للجميع
تبرع بأرض المدرسة الابتدائية، وأنشأ جمعية المحافظة على القرآن الكريم والمعهد الديني ومسجد المغفرة.
5. صحة بلا مقابل
بنى الوحدة الصحية على نفقته الخاصة، وافتتحها السفير الأمريكي بالقاهرة في الستينيات بدعوته الشخصية.
6. إنارة قبل وصول الكهرباء
أضاء شوارع القرية بأعمدة خشبية عليها “كلوبات” تُضاء وتُصان على نفقته الخاصة.
عطاؤه لمركز ومدينة منيا القمح.. صفحات من ذهب
لم يقتصر عطاؤه على قريته؛ بل امتد لكل منيا القمح:
-
تبرع بـ ٩ أفدنة لإنشاء المدرسة الثانوية الصناعية.
-
و ٤ أفدنة لإنشاء المدرسة الثانوية الزراعية.
-
تبرع بأرض مستشفى منيا القمح المركزي.
-
قدّم أراضي مدارس جمال عبد الناصر – الرياضية – التجريبية بمساحة ٧ أفدنة.
-
تبرع بأرض مدرسة صلاح سالم الابتدائية (الألفي الإعدادية حاليًا).
-
تبرع بأرض وابور النور (محطة المياه القديمة).
-
قدّم أول سيارة إسعاف في تاريخ منيا القمح.
-
تبرع بأرض صحة البيئة بجوار مقام سيدي عيسى الخزرجي وسط المدينة.
أما التبرع الوحيد الذي حمل اسمه، فجاء بعد وفاته، حين منح ورثته المدرسة الإعدادية بميت يزيد لتكون تخليدًا لذكراه.
كان زاده يرفض وضع اسمه على أي مشروع قدمه في حياته، واعتاد العطاء بلا مقابل، كدأب العظماء الذين يقدمون الخير لوجه الله والوطن.
رحيل رجل استثنائي
رحل العمدة الدكتور محمود رياض زاده عام 1969، بعد أن خلف إرثًا كبيرًا من الصدقات الجارية والمشروعات التي لا تزال تخدم آلاف الأسر حتى اليوم.
يقدم موقع منيا القمح تغطية شاملة لكل ما يهم أهالي مدينة منيا القمح ومحافظة الشرقية، من خلال متابعة آخر الأخبار، وما يقدمه نواب المدينة من مبادرات وخدمات، بالإضافة إلى تسليط الضوء على الخدمات العامة والعملية التعليمية، وتغطية قضايا ومناسبات العائلات، وأهم الحوادث الجارية. كما نهتم بإبراز مواهب ملاعبنا ونجوم اللاعبين، ونتناول أخبار عمد ومشايخ البلد، واحتفالات زغروتة، وتكريمات مرتبة الشرف، إلى جانب مجموعة مختارة من المقالات المميزة.



