من شيبة قش إلى نيويورك.. القصة الكاملة لمحمود عزمي أول مدافع عربي عن الحريات

محمود عزمي.. رائد الصحافة المصرية وأول مدافع عربي عن حقوق الإنسان
يظل الدكتور محمود عزمي واحدًا من أبرز الأسماء في تاريخ الصحافة المصرية والعربية، وصوتًا ليبراليًا تقدميًا حمل مبادئ الحرية والدفاع عن الإنسان حتى اللحظة الأخيرة من حياته. جمع عزمي بين العمل الصحفي والبرلماني والدبلوماسي، ليصبح أحد أبرز الوجوه التي مثّلت مصر على الساحة الدولية بعد ثورة يوليو 1952، وأول عربي يتصدر العمل الحقوقي في أروقة الأمم المتحدة.
البدايات والنشأة
وُلد محمود عزمي في 5 مايو 1889 بقرية شيبة قش التابعة لمركز منيا القمح بمحافظة الشرقية. بدأ مشواره العلمي مبكرًا، وحصل على درجة الدكتوراه من باريس عام 1912، وهو ما فتح أمامه أبواب العمل في واحدة من أهم الصحف الوطنية في ذلك الوقت، وهي جريدة “العَلَم” التي رأس تحريرها الصحفي الكبير أمين الرافعي.
محطات مهنية مبكرة
بعد عودته من فرنسا، اختير عزمي أستاذًا للاقتصاد في مدرسة التجارة العليا، غير أنه فضّل العمل الصحفي واستقال عام 1918 ليتولى رئاسة تحرير جريدة “المحروسة”.
وخلال مفاوضات سعد/ملنر حول جلاء الاحتلال البريطاني، عمل مراسلًا لجريدة الأهرام في فرنسا وإنجلترا عام 1920، قبل أن يؤسس جريدة “الاستقلال” في العام التالي ويصبح مديرًا لتحريرها.
في أكتوبر 1922 انضم إلى أسرة تحرير جريدة “السياسة اليومية” التابعة لحزب الأحرار الدستوريين، وابتكر حينها الباب الصحفي الشهير “برلمانيات”، كما شارك في تحرير “السياسة الأسبوعية”، وتولى رئاسة تحريرها في غياب الدكتور محمد حسين هيكل.
تجربة روز اليوسف والعمل الأكاديمي
كانت مجلة روز اليوسف محطة مهمة في حياة محمود عزمي، إذ كتب فيها منذ صدورها عام 1925 حول قضايا السياسة الخارجية، ليعود بعد عشر سنوات ويتولى رئاسة تحريرها.
وفي عام 1936 رأس تحرير جريدة “الشباب” الأسبوعية لصاحبها محمد علي الطاهر، قبل أن يغادر إلى العراق ليلتحق بجامعة بغداد أستاذًا للاقتصاد، ثم يعود إلى مصر ليعمل في مصلحة الضرائب.
وفي الأثناء، كان مشروع إنشاء معهد الترجمة والتحرير والصحافة – الذي أصبح لاحقًا كلية الإعلام – يرى النور عام 1939، وكان عزمي ضمن أول هيئة تدريسية بالمعهد عند افتتاحه في فبراير 1940.
من الصحافة إلى الأمم المتحدة
بدأ ارتباط محمود عزمي بالمحافل الدولية حين مثل مصر في لجنة الضرائب الدولية التابعة لعصبة الأمم عام 1939. ومنذ ذلك الحين تابع مؤتمرات الصلح والاقتصاد بصفته صحفيًا، قبل أن يصبح واحدًا من أبرز الوجوه الدبلوماسية المصرية بعد تأسيس الأمم المتحدة عام 1945.
وفي سبتمبر 1950، اختير عضوًا في وفد مصر إلى الجمعية العامة برئاسة وزير الخارجية الدكتور محمد صلاح الدين. وتميز عزمي عالميًا بجرأته في الدفاع عن حرية الصحافة، وهو ما أهّله لتمثيل مصر عام 1951 في لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، التي كانت مكلفة بوضع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وصياغة التقارير المتعلقة بحقوق المرأة والأقليات.
بفضل مواقفه الليبرالية ودفاعه الصريح عن الحريات، انتُخب رئيسًا للجنة حقوق الإنسان عام 1953، وأعيد انتخابه مرة أخرى عام 1954، ليصبح بذلك أول عربي يتبوأ هذا المنصب الدولي الرفيع.
نقابة الصحفيين.. الحلم المؤسس
لم يتوقف اهتمام محمود عزمي عند حدود الصحافة السياسية، بل كان أول من وضع عام 1936 مشروعًا لإنشاء “جمعية الصحفيين”، وهي الخطوة التي مهدت لاحقًا لإنشاء نقابة الصحفيين.
ثم جاء عام 1941 حين قدم محمود أبو الفتح أول طلب رسمي لإنشاء النقابة، وتبرع بشقته في عمارة الإيموبيليا لتكون أول مقر لها.
مواقف وطنية وقومية راسخة
كان محمود عزمي من أبرز المدافعين عن القضايا الوطنية والقومية، فتبنى الدفاع عن:
-
وحدة وادي النيل بين مصر والسودان
-
القضية الفلسطينية
-
الوحدة العربية والقومية العربية
-
التضامن الأفروآسيوي وحركة عدم الانحياز
الرحيل في قلب المعركة
في الثاني من نوفمبر عام 1954، وأثناء إلقائه كلمة مصر في مجلس الأمن، تعرض محمود عزمي لأزمة قلبية مفاجئة أنهت حياة واحد من أهم أعلام الصحافة العربية والمدافعين عن حقوق الإنسان.
يبقى الدكتور محمود عزمي نموذجًا استثنائيًا للصحفي المثقف والبرلماني الجسور والدبلوماسي الحقوقي، الذي حمل قضايا وطنه وأمته إلى المنابر الدولية، وترك إرثًا مهنيًا وسياسيًا ما زال حاضرًا في وجدان الحركة الصحفية وحقوق الإنسان في العالم العربي.
يقدم موقع منيا القمح تغطية شاملة لكل ما يهم أهالي مدينة منيا القمح ومحافظة الشرقية، من خلال متابعة آخر الأخبار، وما يقدمه نواب المدينة من مبادرات وخدمات، بالإضافة إلى تسليط الضوء على الخدمات العامة والعملية التعليمية، وتغطية قضايا ومناسبات العائلات، وأهم الحوادث الجارية. كما نهتم بإبراز مواهب ملاعبنا ونجوم اللاعبين، ونتناول أخبار عمد ومشايخ البلد، واحتفالات زغروتة، وتكريمات مرتبة الشرف، إلى جانب مجموعة مختارة من المقالات المميزة.



